تحميل كتاب إلى العزيز فيودور دوستويفسكي – نهال النجار

في عالم الأدب الرحب، تظهر بين الحين والآخر أعمالٌ تأخذنا في رحلة استثنائية إلى أعماق النفس البشرية، ومن بين هذه الأعمال يبرز كتاب "كتاب إلى العزيز فيودور دوستويفسكي" للكاتبة المبدعة نهال النجار. هذا الكتاب ليس مجرد قراءة عابرة، بل هو تجربة غنية تأسر القارئ وتجعله يتأمل في جوانب الحياة المختلفة من خلال عدسة أدبية فريدة.

تأتي أهمية هذا الكتاب من كونه حوارًا من نوع خاص، حوارًا من طرف واحد ولكنه يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات. نهال النجار تخاطب فيودور دوستويفسكي، الأديب الروسي العظيم، وكأنها تتحدث إلى صديق قديم أو مرشد روحي. هذا الأسلوب يمنح الكتاب حميمية خاصة ويجعله قريبا من القلب، فالقارئ يشعر وكأنه يشارك الكاتبة في هذه المناجاة الأدبية العميقة.

تبدأ الكاتبة رسالتها بعبارة "عزيزي فيودور دوستويفسكي مرحبًا أظنك على ما يرام، طالما أنك بعيدٌ عن هذا العالم." هذه الكلمات الافتتاحية تكشف عن حالة من الشجن العميق والرغبة في التواصل مع عالم آخر، عالم دوستويفسكي الأدبي والفلسفي. تعبر الكاتبة عن شعورها بأن علاقتهما من طرف واحد، ولكن هذا لا يقلل من أهمية هذا الحوار بالنسبة لها، فهي تجد في أفكار دوستويفسكي صدى لأفكارها ومشاعرها.

تصف نهال النجار كيف كان دوستويفسكي يقول وهي تسمع، والآن هي تقول وهو لن يسمع. هذه الصورة تعكس قوة تأثير أدب دوستويفسكي على القراء، فهو يتحدث إليهم حتى بعد رحيله، وأفكاره لا تزال حية وملهمة. تشير الكاتبة إلى أن رأسها تشبع بأفكار دوستويفسكي، وكيف كانت تائهة في عوالم لا تفهمها حتى جاء دوستويفسكي إليها وأخذ بيدها. هذه العبارات تصور أدب دوستويفسكي كمنقذ ومرشد في متاهات الحياة.

تتحدث الكاتبة عن شعورها بالتأرجح على الحافة وكيف أن دوستويفسكي أخذ بيدها. هذا الاستعارة تعبر عن حالة من عدم الاستقرار والضياع، وكيف أن أعمال دوستويفسكي قدمت لها الدعم والفهم. عرفت الكاتبة مع دوستويفسكي أن ثمة أشخاصًا يشبهونها، وهذا الشعور بالانتماء والتفهم هو أحد أهم ما يقدمه الأدب للقراء، خاصة أدب دوستويفسكي الذي يتميز بالعمق والصدق في تصوير النفس البشرية.

تصف نهال النجار نفسها بأنها "كثيرٌ جدًا" وفي "دوامة الحياة" تفقد نفسها تدريجيًا. هذا التعبير عن فقدان الذات في زحمة الحياة اليومية هو شعور يتردد صداه لدى الكثيرين، خاصة في عالمنا المعاصر الذي يتميز بالسرعة والتغير المستمر. تشير الكاتبة إلى أنها تفقد كل يوم شيئًا من وجهها، عيونًا، أنفًا، فمًا، وتفقد أشياء من روحها، مشاعرها، أحاسيسها. هذه الصورة الشعرية تعبر عن تأثير مرور الزمن وتجارب الحياة على هوية الإنسان ومشاعره.

تزداد مساحات الفقد وتتغير كلما ابتعدت الكاتبة عن طفولتها. هذا يشير إلى أن الحنين إلى الماضي والطفولة هو جزء من رحلة البحث عن الذات، وأن التغيرات التي تطرأ على الإنسان مع مرور الوقت قد تكون مصحوبة بشعور بالفقد والضياع. الأشياء التي تدور بفلك الكاتبة ليست جميعها على ما يرام، وثمة كسر في محيطها تشعر به. هذا الشعور بـ الكسر وعدم الاكتمال هو سمة من سمات العالم المعاصر، حيث يشعر الكثيرون بأن هناك شيئًا مفقودًا أو غير متوازن في حياتهم.

تصف الكاتبة الهواء الذي تتنفسه بأنه أعرج، وبقعة الدم التي تنفثها كل عشرين يومًا معكرة، وحتى أحلامها جوعى وتشحذ الطعام من كوابيس مجاورة. هذه الصور القوية تعبر عن حالة من اليأس والضيق والاضطراب الداخلي. الأحلام الجوعى والكوابيس المجاورة تصور حالة من القلق الوجودي والخوف من المستقبل، وهي themes تتردد كثيرا في روايات دوستويفسكي.

كتاب "كتاب إلى العزيز فيودور دوستويفسكي" هو دعوة للقراء للانغماس في عالم نهال النجار الأدبي، وهو أيضًا دعوة لإعادة اكتشاف أدب دوستويفسكي من خلال عيون معاصرة. الكتاب يقدم رؤية جديدة لأعمال دوستويفسكي ويبرز مدى تأثيره على الأدباء والقراء في كل زمان ومكان. يمكن للقراء المهتمين بهذا العمل الأدبي الفريد الحصول على نسخة من "كتاب إلى العزيز فيودور دوستويفسكي" من مكتبة ياسمين، حيث يجدون تشكيلة واسعة من الكتب الأدبية والثقافية المتميزة.

في الختام، "كتاب إلى العزيز فيودور دوستويفسكي" لـ نهال النجار هو إضافة قيمة للمكتبة العربية، وهو كتاب يستحق القراءة والتأمل، فهو يقدم للقارئ تجربة أدبية غنية ومؤثرة، ويفتح له آفاقًا جديدة في فهم النفس البشرية والعالم من حولنا. إنه كتاب يلامس الروح ويترك أثرًا عميقًا في وجدان القارئ.