
تحميل كتاب النسوية الإسلامية (بين الانسلاخ والتلفيق) – سامي عامري
النسوية الإسلامية مصطلح يتردد صداه في الأوساط الفكرية والثقافية، يجمع بين مفهومين يبدوان للوهلة الأولى متناغمين: النسوية، الساعية إلى تحقيق حقوق المرأة والمساواة، والإسلام، الدين الذي يحمل في طياته منظومة قيم وأخلاق. لكن هل هذا التناغم حقيقي أم أنه مجرد قناع يخفي وراءه أجندة أخرى؟ هذا ما يحاول الكاتب سامي عامري تفكيكه وتحليله في مؤلفه \"تحميل النسوية الإسلامية بين الانسلاخ والتلفيق\".
ينطلق سامي عامري من تساؤل جوهري: هل النسوية الإسلامية تمثل بالفعل تعبيراً أصيلاً عن الفكر الإسلامي، أم أنها مجرد محاولة لتطويع الإسلام ليناسب أيديولوجيات مستوردة؟ يشير المؤلف إلى أن جاذبية مصطلح \"النسوية الإسلامية\" تكمن في قدرته على استمالة المشاعر، فهو يوحي بالدفاع عن المرأة وحقوقها من منظور إسلامي. إلا أن عامري يحذر من الانخداع ببريق العناوين، مؤكداً على ضرورة التمعن في الحقائق والمعاني الكامنة وراء المصطلحات البراقة.
يؤكد عامري أن جوهر النسوية يرتكز على رؤية جندرية ترى العالم من منظور الصراع بين الجنسين، بينما الإسلام يقدم رؤية شاملة ومتكاملة للإنسان، رجلاً كان أو امرأة، ضمن منظومة الكون والحياة. يرى المؤلف أن محاولة دمج هذين المنظورين المتناقضين قد يؤدي إلى \"الانسلاخ\" عن بعض الثوابت الإسلامية و\"التلفيق\" بين مفاهيم لا تنسجم مع روح الإسلام.
يستعرض الكتاب جذور النسوية وتطورها في الغرب، مبيناً كيف نشأت في سياق ثقافي واجتماعي مختلف تماماً عن السياق الإسلامي. ويوضح أن تبني بعض الحركات ما يسمى بـ\"النسوية الإسلامية\" قد يكون ناتجاً عن أزمة هوية واختطاف الإسلام من قبل مدارس فكرية أجنبية، تسعى إلى إعادة صياغة الإسلام وفق رؤيتها الخاصة. يشبه عامري هذا التيار بتيارات أخرى ظهرت في الماضي، مثل \"الإسلام الاشتراكي\" و\"الإسلام الليبرالي\" و\"الإسلام الحداثي\"، والتي كانت في حقيقتها محاولات لتسويق أيديولوجيات غير إسلامية تحت غطاء الإسلام.
يناقش الكتاب مفهوم \"الانسلاخ\" في سياق النسوية الإسلامية، موضحاً كيف يمكن أن يؤدي تبني هذا التيار إلى التخلي عن بعض الأحكام الشرعية الثابتة، بحجة أنها تتعارض مع حقوق المرأة أو المساواة. ويشير إلى أن هذا \"الانسلاخ\" قد يتجلى في محاولة إعادة تفسير النصوص الإسلامية بطرق ملتوية لتتوافق مع المفاهيم النسوية، أو في تجاهل بعض النصوص بشكل كامل.
أما مفهوم \"التلفيق\"، فيشير به عامري إلى محاولة الجمع بين أفكار ومفاهيم نسوية دخيلة على الفكر الإسلامي وبين بعض النصوص أو المفاهيم الإسلامية بشكل سطحي وغير متجانس. ويوضح أن هذا \"التلفيق\" قد يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام وتقديم فهم مشوش وغير دقيق لتعاليمه.
يتساءل الكتاب عن مدى إمكانية التوفيق بين النسوية بمرجعياتها الغربية وبين الإسلام بمنظومته القيمية والأخلاقية المستقلة. ويطرح تساؤلات حول مدى الحاجة إلى مصطلح \"النسوية الإسلامية\" من الأساس، وهل يمكن تحقيق حقوق المرأة في الإسلام من خلال الرجوع إلى النصوص الإسلامية الأصيلة وتطبيقها بشكل صحيح، دون الحاجة إلى استيراد مفاهيم وأيديولوجيات خارجية.
يستعرض سامي عامري في كتابه أمثلة ونماذج من أدبيات النسوية الإسلامية، محللاً أطروحاتها ومبيناً مواطن الخلل والانحراف فيها من وجهة نظر إسلامية. ويناقش قضايا مثل المساواة بين الجنسين، والولاية، والقوامة، والحجاب، والميراث، وغيرها من القضايا التي تثير جدلاً في هذا السياق.
يؤكد الكتاب على أهمية التمسك بـالفكر الإسلامي الأصيل والمرجعية الإسلامية في فهم قضايا المرأة وحقوقها. ويدعو إلى ضرورة التمييز بين حقوق المرأة التي كفلها الإسلام وبين المطالبات النسوية التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام وتعاليمه. يشدد عامري على أن الإسلام دين عادل ومنصف، وقد كرم المرأة وأعطاها حقوقاً لم تحظ بها في أي حضارة أخرى.
في ختام الكتاب، يخلص سامي عامري إلى أن \"النسوية الإسلامية\" في صورتها الحالية تمثل خطراً على الفكر الإسلامي والهوية الإسلامية، وأنها قد تقود إلى \"الانسلاخ\" عن الإسلام و\"التلفيق\" بين مفاهيم متناقضة. ويدعو إلى ضرورة الحذر من هذا التيار والتيارات المشابهة، والعودة إلى الإسلام الأصيل في فهم قضايا المرأة وحقوقها. يمكن للقارئ المهتم بالفكر الإسلامي والمعاصر تحميل هذا الكتاب القيّم وغيره من الكتب الهامة من مكتبة ياسمين.
تقييمات ومراجعات
يجب تسجيل الدخول لإضافة تقييم
تسجيل الدخوللا توجد تقييمات بعد. كن أول من يقيم هذا الكتاب!