تحميل كتاب أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث – مريم العطار

تحميل كتاب أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث – مريم العطار

يمثل كتاب "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" للكاتبة مريم العطار إضافة نوعية وهامة إلى عالم الأدب العربي، ونافذة مشرعة على كنوز الشعر الأفغاني المعاصر. يأتي هذا الكتاب في توقيت بالغ الأهمية، حيث يسعى القارئ العربي إلى التعرف على مختلف الثقافات الأدبية، والشعر بوصفه ديوان العرب والعالم، يبقى الأقدر على نقل المشاعر والأحاسيس الإنسانية المشتركة. مريم العطار، من خلال هذا العمل القيم، تقدم لنا مختارات شعرية دقيقة ومدروسة، تعكس التطورات التي شهدها الشعر الأفغاني الحديث، وتنوع مدارسه واتجاهاته.

في مقدمة كتابها "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث"، تتناول مريم العطار الفترة الزمنية التي شهدت بزوغ فجر الشعر الحديث في أفغانستان. تشير إلى أن تحديد هذه الفترة الزمنية كان يتطلب منها الكثير من التمحيص والتدقيق، نظراً لتعدد المصادر واختلاف الروايات. وتوضح مريم العطار أن بعض المصادر ترجع بداية التحولات في الأدب الأفغاني إلى عام 1922، بينما يرى البعض الآخر أن التحولات الأكبر والأعمق حدثت بعد ثورة (الثور) عام 1979، وما تلاها من دخول الحزب الديمقراطي الشعبي إلى الحكومة بدعم سوفيتي. هذه التغيرات السياسية الجذرية كان لها تأثير كبير على الأدب والشعر الأفغاني المعاصر، خاصة في الفترة الممتدة من تلك الأعوام وحتى عام 1992، حيث برز ما يعرف بـ "شعر المقاومة"، وهو الشعر الذي غلب عليه لون الدم ورائحة الحرب ومشاعر الغربة. وتؤكد مريم العطار أن هذا النوع من الشعر الأفغاني، رغم خصوصيته الظرفية، استطاع بمرور الزمن أن يجد طريقه إلى العالمية، وأن يلتحق بركب الأدب العالمي الحديث.

تستعرض مريم العطار في "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" كتاباً مهماً طبع عام 1973 بعنوان: (مختارات من الشعر الحديث الأفغاني)، حيث يتحدث (محمد سرور مولايي) عن دخول الشعر الأفغاني الحديث إلى أفغانستان متأثراً بـ "الشعر النيمايي" الذي أسسه الشاعر الإيراني (نيما يوشيج). وتوضح مريم العطار أن هذا النوع من الشعر، الذي يسمى أيضاً بـ "الشعر السبيد"، أي الشعر الحديث، يكتب في أفغانستان باللغة "الدرية"، وهي لغة مشتقة من اللغة الفارسية مع اختلافات طفيفة في المفردات. وتذكر مريم العطار أسماء أهم رواد الشعر الحديث في تلك الفترة، مثل الشعراء: واصف باختري، رفعت حسيني، رازق رويين، وغيرهم، الذين ساهموا في ترسيخ دعائم الحداثة الشعرية في أفغانستان.

كما تستشهد مريم العطار في كتاب "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" برأي الشاعر (برتو نادري) في كتابه (من الدمع إلى قطرات الشعر)، حيث يذكر أن الشعراء الحداثيين في بداياتهم كتبوا قطعاً نثرية لا تلتزم بالأوزان الشعرية التقليدية، ثم تطور هذا النمط الكتابي ليصبح ما يعرف بـ الشعر الحديث. وتلقي مريم العطار الضوء على الدور الرائد الذي لعبته صحيفة (سراج الأخبار)، أول صحيفة تأسست في أفغانستان، في نشر أفكار الحداثة الأدبية. كانت هذه الصحيفة، التي تميزت بأسلوبها الجديد في الطرح، بمثابة المهد الذي ترعرع فيه أسلوب الحداثة في الكتابة. وتؤكد مريم العطار أن التحولات الأدبية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها أفغانستان مدينة لهذه الصحيفة التي نشرت أفكاراً جديدة، وكان يحررها الأستاذ (محمود طرزي)، بالتعاون مع (عبد الهادي داوي) وآخرين، الذين حرصوا على نشر نصوص الشباب الحداثوية، وترجمة نصوص لشعراء وكتاب من أوروبا، مما ساهم في انفتاح الأدب الأفغاني على التيارات الأدبية العالمية.

إن كتاب "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" لـ مريم العطار لا يقتصر فقط على تقديم نبذة تاريخية عن الشعر الأفغاني الحديث، بل يتجاوز ذلك إلى تقديم مختارات شعرية متنوعة وغنية، تعكس مختلف التجارب والاتجاهات الشعرية. وتوضح مريم العطار في كتابها كيف استطاع الشعر الأفغاني أن يعبر عن هموم وتطلعات الشعب الأفغاني في مختلف المراحل التاريخية، وأن يسجل بصوته الخاص التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شهدتها البلاد. إن "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" تعتبر مرجعاً مهماً لكل المهتمين بـ الأدب الأفغاني، و الشعر العربي، و الشعر العالمي بشكل عام. ويمكن للقراء الكرام الحصول على نسخة من هذا الكتاب القيم من مكتبة ياسمين، حيث يتوفر ضمن مجموعة واسعة من الكتب والمؤلفات الأدبية والثقافية.

في الختام، يمكن القول أن كتاب "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" لـ مريم العطار هو عمل يستحق القراءة والاهتمام، فهو يفتح آفاقاً جديدة للفهم والتذوق، ويسهم في تعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب. إن مريم العطار، من خلال هذا الكتاب، تقدم خدمة جليلة للثقافة العربية، حيث تعرفنا على جانب هام من الأدب الأفغاني، وتضع بين أيدينا كنوزاً شعرية تستحق الاكتشاف. ننصح كل محبي الشعر و الأدب باقتناء هذا الكتاب القيم، والغوص في عالمه الساحر، للتعرف على جماليات الشعر الأفغاني الحديث، وإبداعات شعرائه المتميزين. ولا شك أن "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث" سيصبح مرجعاً أساسياً في دراسة الأدب الأفغاني و الشعر المعاصر، وسيساهم في إثراء المكتبة العربية بمحتوى قيم ومفيد.

تقييمات ومراجعات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تقييم

تسجيل الدخول

لا توجد تقييمات بعد. كن أول من يقيم هذا الكتاب!